-
@ PoW@MaX
2025-05-25 19:32:29
"بيتكوين وصدمة الإدراك: من هم الخبراء حقًا؟"
لماذا لا يفهم الناس بيتكوين؟
ولماذا حتى أولئك الذين نراهم على شاشات التلفاز يرتدون البدلات، يتحدثون بمصطلحات اقتصادية معقدة ،لماذا يفشلون في فهم نظام هو في قلب الثورة المالية والتكنولوجية للقرن الحادي والعشرين؟
لن نتحدث عن سعر البيتكوين، ولا عن مستقبل العملات الرقمية…
بل عن العقل البشري، عن الإدراك، عن كيف نبني "الثقة"، ولماذا البيتكوين كان يبدو، في عيون كثيرة، نظامًا وُلد ميتًا… لكنه لم يمت.
في عام 2013، خرج الاقتصادي الأميركي الشهير "بول كروغمان" – الحائز على جائزة نوبل – وقال:
"بيتكوين لا قيمة له. إنه مثل الذهب… ولكن أسوأ."
كروغمان لم يكن وحده.
البنك المركزي الأوروبي وصف البيتكوين بأنه "طفرة مؤقتة."
الاقتصادي "نوريل روبيني" قال إنها "أم كل الفقاعات".
وحتى بعض رواد وادي السيليكون وصفوه بأنه لعبة قراصنة أو أداة للمخدرات.
لكن، فلنطرح السؤال بصدق: لماذا كانت هذه النخبة موحدة تقريبًا في سخريتها من البيتكوين؟
الجواب لا يكمن فقط في الجهل، بل في التحيّز المعرفي وهو ما يسميه علماء النفس:
Cognitive Framing Bias
بمعنى: هم حاولوا فهم بيتكوين داخل الإطار القديم الذي يعرفونه.
فلنأخذ مثالًا بسيطًا:
هل يمكن لطبيب من القرن التاسع عشر أن يفهم زرع الأعضاء؟
هل يمكن لمهندس بخار أن يتصور الطائرة النفاثة؟
الخبرة، أحيانًا، لا تساعدك. بل تعميك، لأنك تسجن نفسك في منطق النظام الذي اعتدته.
دعوني أحكِ لكم قصة…
في عام 2011، كان هناك رجل يُدعى "هال فيني" – مطور برمجيات أمريكي، وأحد أوائل المتراسلين مع ساتوشي ناكاموتو.
هذا الرجل لم يسخر من بيتكوين. لم يطلب ضمانات. لم يسأل: "من يدير هذا؟"
بل قال: "هذا يبدو كفكرة عبقرية. دعني أشارك."
وبالفعل، كان هال أول شخص يستلم عملية تحويل بيتكوين من ساتوشي مباشرة.
هل كان خبيرًا اقتصاديًا؟ لا.
هل كان رجل مال؟ لا.
كان ببساطة فضوليًا.
يمتلك عقلًا منفتحًا، ويبحث عن منطق جديد خارج الأطر المألوفة.
هال لم يكتفِ بذلك. بل كتب مقالًا بعنوان "Running Bitcoin"، شرح فيه رؤيته للعالم الذي قد يبنيه هذا النظام.
والآن، فلنقارن بين هال فيني… و”الخبراء” على شاشات التلفاز.
الأول قرأ الفكرة في عمقها.
والثاني نظر إلى السطح… وسخر.
"من يتحكم؟ لا أحد؟ إذًا سيموت."
"من يصدر العملة؟ لا بنك؟ إذًا بلا قيمة."
"من يحمي الشبكة؟ لا جيش؟ إذًا سيُخترق."
هذا كان منطقهم.
هم لا يفهمون أن:
غياب السلطة المركزية ليس عيبًا… بل ميزة.
الثقة في بيتكوين لا تأتي من الناس… بل من الخوارزمية.
لذلك، قالوا: النظام وُلد ميتًا.
لكن ما فاتهم أن هذا "الميت" يُعد اليوم أكبر نظام مالي لامركزي في التاريخ، بقيمة سوقية تفوق تريليونات، وبشبكة من العقد يمتد وجودها في كل قارات الأرض.
فمن الذي مات فعلًا؟
البيتكوين؟
أم النظام الذي ظن أنه خالد؟
دعونا نواجه الحقيقة:
البيتكوين لا يُحارَب لأنه سيء… بل لأنه لا يمكن السيطرة عليه.
ما لا يريدك النظام التقليدي أن تفهمه هو أن:
المال يمكن أن يوجد بلا دولة.
القيمة يمكن أن تُبنى على الشفافية، لا على السرية.
الثقة يمكن أن تُصنع من الرياضيات، لا من الاجتماعات المغلقة.
ولذلك، فإن النظام القائم لا يهاجم بيتكوين لأنه لا يفهمه… بل لأنه فهمه جيدًا جدًا.
فهم أنه لو انتشر، سيكون نهاية عصر التحكم المطلق.
بيتكوين ليس عملة فقط…
بل اختبار.
اختبار لكيف تفكر.
هل أنت ممن يسألون: "من يدير هذا؟" أم "كيف يعمل هذا؟"
هل تحتاج إلى إذن لتثق؟ أم إلى منطق؟
كل من يفهم بيتكوين حقًا… يمر أولًا بمرحلة الصدمة،
ثم الرفض،
ثم إعادة التفكير،
ثم الانبهار.
لكن هذا الطريق ليس للجميع.
فمن نشأ في نظام مركزي، حيث تُمنح الثقة من الأعلى… لن يفهم بسهولة نظامًا حيث تُنتج الثقة من الأسفل.
في الختام…
بيتكوين ليس نظامًا وُلد ميتًا.
بل هو كائن حي، مقاوم، مرن… ولد في عالم ميت.
في كل مرة يقولون إنه انتهى، ينهض أقوى.
لأنه ببساطة، لا يحتاج إلى إذن.
ولا يخضع لسلطة.
ولا يطلب القبول… بل يفرض نفسه بالمنطق والتجربة.
وربما، بعد 50 سنة من الآن، حين يُكتَب تاريخ المال…
لن يُكتب عن "المؤسسات" و"البنوك المركزية".
بل عن فكرة ظهرت في منتدى مجهول…
وحوّلت العالم دون أن تطلب شيئًا سوى أن يتم تجربتها
هل أنت حقًا تفهم بيتكوين؟
أم أنك فقط سمعت ما قاله من لم يفهمه؟"
#nostrarabia